قصة قائدة عظيمة: اكتشف "رأس ملكة من الأسرة البطلمية"
مقدمة
يُعد رأس الملكة البطلمية هذا إحدى روائع متحف اللوفر أبوظبي، و هو من الإضافات المميزة إلى مقتنياتنا. يبلغ ارتفاع الرأس الرخامي حوالي 70 سنتمتراً، وقد كان على الأرجح جزءاً من تمثال ضخم، جالس أو مستقيم، يُقدّر ارتفاعه بين 3.5 و 4.5 أمتار.
ندعوكم لاكتشاف هذه المنحوتة المبهرة من خلال الوثائقي القصير الذي يبيّن روعة تفاصيلها بصوت آمنة الزعابي، أمين متحف مساعد في اللوفر أبوظبي.
لمحة
ارتأى النحّات عدم إظهار الوجه بصورة شابة وجميلة تُحاكي جاذبية الملكات، إنما جعله يعكس التقدم بالعمر ويميل إلى الذكورية بملامحه القاسية. وقد أراد من ذلك تسليط الضوء على قوّة الملكة وسلطتها جاعلاً من هذه المنحوتة إحدى أروع رموز قوة المرأة في عهد المملكة البطلمية.
تأسّست المملكة البطلمية في مصر على يد بطليموس الأول سوتر، أو المنقذ (367 – 283 قبل الميلاد)، أحد جنرالات الجيش المرافقين لإسكندر الأكبر في عملية غزوه للمنطقة. وقد اتخذ من الإسكندرية عاصمة له وغدت مركزاً رائداً للثقافة الهيلينية نتيجةً لبروزها على الصعيدين الفني والثقافي. وقد كانت المنحوتات الرخامية كهذه تُصنع في مدرسة الإسكندرية الرائدة للنحت.
إلى جانب ذلك، يُرجّح أن هذه المنحوتة كانت أيضاً مغطاة بأوراق مذهّبة ومزيّنة بمواد ثمينة وملوّنة. فهي تمزج ما بين التقاليد الفنية اليونانية والرومانية للتصوير الواقعي الفردي، إضافة إلى التقاليد الفنية المصرية في صنع التماثيل الضخمة التي تربط بين الحكّام والآلهة مثل تمثال "إيزيس"، إحدى أبرز آلهة المعتقدات المصرية القديمة.
نظرة عن كثب
كلّما تأمّلنا أكثر هذا التمثال النصفي من جوانبه المختلفة، اكتشفنا دلالات إضافية تقودنا إلى مصدره وإلى الرموز التي أشار إليها. إذ نلاحظ ملامح واضحة كبقايا اللونين الأحمر والبنّي التي تدلّ على احتمال تغطيته بالذهب في السابق، إضافة إلى الثقوب التي لا بد أنّها وجدت لتحمل الأقراط المصنوعة من المعادن الثمينة.
أمّا تجعيدات الشعر وعصابة الرأس الخاصة بإيزيس، فهي تُشير إلى ملكة تمّ تأليهها. يشير الثقب الموجود في الجزء العلوي من الرأس إلى أنه من المحتمل أن تكون كُللت بتاج مصنوع من معدن نفيس. وكانت هذه السمات مشتركة بين الإلهة المصرية "إيزيس" وملكات عهد البطالمة. هذه التفاصيل وغيرها هي التي كشفت لنا عن الأهمية التاريخية التي يحملها رأس الملكة هذا.